أبناؤنا وبناتنا بين الإصلاح والتغريب

أبناؤنا وبناتنا بين الإصلاح والتغريب مقال من مقالات القضايا العامة في مدونة أوج السعودية يتحدث عن مشاكل العولمة والتقنيات الحديقة وأثرها على جيل الشباب المعاصر.

أبناؤنا وبناتنا – المقدمة

سوف أتناول في هذه المقال (أبناؤنا وبناتنا بين الإصلاح والتغريب) جانب من مسارات حركة الإصلاح المعرفي في الأمة، وهو المسار الخاص بالمفاهيم وتحديداً مفهومي ” الإصلاح” و”التغريب”

وهما المفهومان الأبرز في النشاط المعرفي لحركة الإصلاح خلال القرن العشرين, وفي العالم الإسلامي.

ارتبط مفهوم “الإصلاح” في العصر الحديث بالجانب المادي العسكري، باقتباس “التعليم العسكري” من النمط الغربي. و يلاحظ أن مصطلح “الإصلاح” لم يكن له وجود عند المفكرين المسلمين في بداية المواجهة مع الفكر الغربي وحضارته،

بداية ً هل التغريب مفهوم ملتبس في ثقافتنا الاجتماعية فعلاً؟.

الدكتور محمد الحضيف، يجيب:
حينما يرد مصطلح التغريب، فهو يعني بالضرورة، صبغ المجتمع.. أي مجتمع، بالثقافة الغربية وأسلوب الحياة الغربي.
يدخل في تلك القوانين، والتشريعات، ومنظومة القيم، التي تسيَر حياة الناس، بما فيها دور الرجل والمرأة في الحياة العامة، وطبيعة العلاقة بين الجنسين، ونمط العيش والعمل، وطرائق التسلية والترفيه، وطريقة اللبس,بل حتى الموسيقى والفلكلور

أما الدكتور عيسى الغيث فيأخذ المسألة من محورين لغوي واصطلاحي فيقول:
تغريب على وزرن تفعيل وهو من الغرب، أي تقليد الغرب والتشبه بهم في الجانب المذموم من القيم والممارسات.و هو جعل المجتمع العربي المسلم كالغرب في أخلاقه وسلوكه السلبي، بمعنى الجانب السلبي من التغريب، وليس الجانب الإيجابي كالمشتركات الدنيوية والمصالح الإنسانية، كالصناعات ونحوها

غير أن التغريب بهذا القصد، سواء كان ناتجا طبيعيا أو منتجا مُصنَّعا موجود، ولكن بشكل عفوي في الغالب وقليل في الواقع وأما المنتج فهو الذي يسميه البعض “الغزو الفكري” ولكن هناك فرق بين التأثر و التأثير.

وفي نظري أن غالب التغريب مع قلة وجوده لدينا هو من باب «التأثر» عبر الفضائيات والإنترنت وأثرها على أبناؤنا وبناتنا.

هناك حالات محدودة تعد من باب التأثير على أبناؤنا وبناتنا التي يصدق عليه كونه غزو فكري، لأن الغرب ليس متفرغاً لتصدير فكره بهذا الشكل، وإنما كونه قويا اقتصادياً وبالتالي عسكرياً ثم سياسياً جعل من الآخرين يتأثرون به بشكل تلقائي.

ولكن دورنا في اللإصلاح هو وجوب النظر والتعامل معه بالتهذيب والفلترة، وليس بالاستسلام له كالبعض، ولا بالمبالغة فيه حد الوسوسة كالبعض الآخر.
بحيث نعيش نظرية المؤامرة، فتضعف هممنا بفقدان الثقة في أنفسنا وتُختطف عقولنا ونُحرم من تطورنا ومصالحنا بفزاعة ومشجب فوبيا التغريب,

أنت تقرأ أبناؤنا و بناتنا بين الإصلاح والتغريب يمكن قراءة المرأة والجاهلية الأولى.

الصحوة ووهم التغريب

هناك من يعتقد أن التغريب وتأثيره على أبناؤنا وبناتنا وهم فكري اصطنعته الصحوة الإسلامية لضرب التيارات الفكرية الأخرى داخل الإطار الاجتماعي “ربما رغبة منهم في محاربة الإصلاح” ، من أجل توجيه الرأي العام والتحكم بالأفكار السائدة وفق رؤيتها الدينية.

فإلى أي مدى يبدو هذا الاعتقاد صحيحاً؟

يرى الدكتور الغيث أن التغريب كأصل ليس وهماً، ولكن المبالغة فيه حد التهويل وربما الإرجاف هو الوهم.
من المؤكد أن الصحوة الإسلامية بالغت في الكثير من مواقفها تجاه غيرها، ومن ضمنها موضوع التغريب،موضحاً كيفية هذه المبالغة بقوله:

حيث زرعت الهواجس والوساوس في عقول الشباب، مما أفقدهم القدرة على الثقة بالنفس والتركيز على العمل، والهزيمة النفسية بمثل هذه الانطباعات الهلامية، حيث تحطم الروح المعنوية لجيل الصحوة، ومع إحساننا الظن بإخوتنا وغيرتهم، إلا أن البعض عبر عناده وتضخيمه للأمور يثير الشك في قصده، والصحوة في أدبياتها أنها سماوية أخروية، لا تبحث عن مكاسب دنيوية، وبالتالي يصبح اللوم والعتب عليها أكبر، لأنها أشغلت كوادرها فضلاً عن مجتمعها بحروب عبثية وبث للشقاق بين الإخوة عبر العقود السابقة.

كما يقول مستشهداً:

وفي ظني أننا حرمنا خلال الفترة الماضية من مصالح كبرى للمجتمع بسبب هذه الهواجس، وكأن قدرنا ألا يمر أي تطور تنموي إلا عبر بوابة التحريم بزعم التغريب، ثم بعد فترة من الزمن لا يصبح تغريباً وربما صار قربة شرعية، ولو أخذنا تعليم البنات كنموذج لعرفنا كيف كان محرماً وفساداً ومنكراً، ثم أصبح لاحقاً حلالاً زلالاً.

غير أن الدكتور الحضيف يعتبر أن الزعم بأن التغريب (وهم) اخترعته مجموعة لتحارب أخرى، أو لتفرض سيطرتها على المجتمع، هو إدعاء ساذج جدا، للالتفاف على عملية معقدة وممنهجة جداً.

فيوضح بقوله:

مثل هذا الادعاء يمكن ترويجه والضحك به على العوام، لكنه لا يصمد أمام النقد والاستقراء الموضوعي. كما أنه ليس أمرا سرياً، يتناجى به أشخاص في مجالسهم الخاصة. صحيح أن التخطيط لعملية التغريب، أمر يتم داخل غرف مغلقة، لكن تنفيذها يحدث أمام الناس، وفي الناس أنفسهم، في سلوكهم، وأسلوب حياتهم، ومؤسساتهم التعليمية والصحية والخدمية، بل حتى في مسائل دينهم وهويتهم الثقافية. يلمسه المشاهد في مظاهر اجتماعية تكرس كأمر واقع، عبر دفع الفعاليات الثقافية والاجتماعية في اتجاه واحد، ومن خلال فعل مؤسس بيفرض بقرارات تخدم توجهاً محدداً، لا يملك الناس أمامها حيلة، ولا يستطيعون لها دفعاً. بعضها يتعلق في حقهم في التعليم، أو حقهم في المشاركة الثقافية والاجتماعية، أو حتى حقهم في الوظيفة والعيش الكريم.

الآثار التي تساعد على التغريب

بعض مظاهر وآثار التغريب الثقافي على مستوى الشاب المسلم

إن الفرد المسلم من أبناؤنا وبناتنا الذين تمكن منهم التغريب تظهر عليهم جملة من الأوصاف.
فهم دائمي التعلق بما في الثقافة الأجنبية الغازية لهم من نُظم وأفكار وعوائد وأنماط سلوكية…

ويحاول أبناؤنا وبناتنا من الذين وقعوا في هاوية التغريب جاهدين تطبيقها في حياتهم الخاصة.
ثم إن هذا الفرد “أبناؤنا وبناتنا أقصد” لا يجد في نفسه أي حرج من محاكاة الغرب، والانصهار الكامل في بوتقتهم المسمومة، والأخْذ بما يُمليه عليهم حرْفيًا.

بالمقابل نجد هذا الفرد يتحامل على التراث الإسلامي بالرغم مما يختزنه من قيم سامية، وبذور حقيقية للإقلاع.

وهكذا نرى عددًا من أبناء الأمة الإسلامية يدْعون إلى الانفصام عن الماضي الإسلامي والالتحاق بالغرب

ويعد سلامة موسى : من أخْطر هؤلاء؛ حيث يقول في كتابه اليوم والغد :

يجب علينا أن نخرج من آسيا وأن نلحق بأوربا، فإني كلما ازدادت معرفتي بالشرق زادت كراهيتي له، وشعوري بأنه غريب عني, وكلما زادت معرفتي بآوربا زاد حبي لها وتعلقي بها وزاد شعوري بأنها مني وأنا منها.

إن الغزو الفكري الغربي الحديث الذي يستهدف تكسير شوكة المسلمين، وتشويه هويتهم، وعزْلهم عن ماضيهم وميراثهم الحضاري، وتغريبهم عن عقيدتهم ولغتهم، لم يترك وسيلة إلا استخدمها لتحقيق مآربه، ولم يترك جهة لمس فيها الاستعداد للتعاون معه إلا تعاوَن معها وربط نفسه بها.

الصهيونية العالمية

وقد كان في طليعة هذه الجهات التي تعاونت مع المستعمر الغربي، وربطت أهدافها بأهدافه “الصهيونية العالمية” التي برزت بوصفها حركة سياسية عنصرية تحاول بسْط النفوذ على العالم بأسره بشتى الطرق والوسائل, ولقد حققت جملة من المكتسبات في الواقع الملموس، أبرزها الحصول على وطن قومي لليهود في أرض فِلَسْـطين المباركة.

العلمانية

من جهة أخرى، شكلت العلمانية إحدى الوسائل الخطيرة التي مهّدت الطريقَ لحركة التغريب التي مسَّت نواحيَ مختلفة.

ماينبغي علينا فعله تجاه أبناؤنا وبناتنا

تختلف أنظمة الإصلاح في التربية التي يتبعها العديد من الآباء والأمهات،منها التربية الصحيحة والمبنية على أسس متينة وسليمة، ومنها أساليب التربية الخاطئة، وبالطبع ينبع ذلك من وجود الحب الفطري لأبنائنا ورغبة منهم في الإصلاح ، ومنهم من يتعامل بالعصبية ضنا منهم أنها تأدبهم, إلا أن الخطوة في كثير من الأحيان تكون خاطئة وتؤدي فعلا عكسياً لمفهوم الإصلاح.

الإصلاح وفق الإجراء السليم

تحويل السلوكيات السيئة إلى قواعد,ومهارات يجب أن نترجمها عالواقع مثل مهارة الاستماع وهي من أهم المهارات.

ولأن الأذن هي الحاسه الوحيده التي لاتنام ولا نستطيع أن نقفلها وفيها اعجاز رباني لذلك يجب الإهتمام بها فإن نحن احسنا الاستماع لأحسنا الحوار وإن أحسنا الحوار لاحسنا التربية.

إن للسماع في أخذ المعلومات ثلاثة أضعاف البصر

فعندما نستمع لهم وننصت سوف نصل إلى ما يشعرون به وإن عدم الاستماع سوف يدفعهم نحو البحث عن مستمع آخر ينصتون له! وهنا يبدأ الإنحرف والخروج عن مؤسسة الأسرة لعدم وجود الارتباط الفكري.

لابد من معرفة متى نحاورهم وعماذا وفيما نحاورهم, هل نحاورهم بما نهتم به نحن أو بما يهتمون به هم؟

يجب عيلنا أن نكتشف اهتماماتهم وما يثير تساؤلاتهم

وجود العائلة على طاولة واحدة تعتبر ميزة عظيمة ونعمة تستحق أن نشكر ونحمد الله عليها.

فمع عولمة التغذية والغذاء والوجبات السريعة كثير مايفتقد أبناؤنا وبناتنا تلك الميزة الجميلة, جلوسنا حول طاولة واحده تشعرنا بالحب والألفة وتمنح أنباؤنا وبناتنا مجال لطرح المواضيع وأخذ الإستشارات وحل بعض المشاكل لأن زمننا هذا يمتاز بتطور وانفتاح وربما يجدون كل مايريدونه من مواقع التواصل ماعدا الحب! فلابد تكون لنا اضافة جميله بالحب بالإحتضان, باللمسة بالبسمة والارتباط الأسري ويتقبلون منا كل مانريد وصوله إليهم بإقتناع

لنضع لنا عبارات مثل الكبسولات نرددها على مسامع أبناؤنا وبناتنا مرارآ وتكرارآ لتكون لها أثر على المدى البعيد وتبقى في الذاكرة حتي بعد مماتنا, لكم طولة العمر: